بيوتٌ لا جدران لها
وإن أضعتمونا يوماً فستجدوننا في أزقة الشوارع العتيقة الّتي امتزجت جدرانها بدخان الرصاص، في بيوتنا المهدّمة، في المخيمات التي لا ضوء فيها، في فهارس الدفاتر القديمة،فلبَّ السطور أبت أن تستقبل وجعنا، هل من عدلٍ هنا ليواجه هذه المأساة، أيُّ عدلٍ وها نحن نغرق بمياه المطر بدلاً من أن نغرق بدفء الغطاء، أيُّ عدلٍ وحيطاننا هشة ورقيقة رياح الصيف قادرة أن تسقطها، ماذا سنقول للأطفال: كيف سنجعلهم يسامحون أولئك الجالسين أمام المدفئة خلف تلك الجدران السميكة والقاسية،هل من مجيب؟
_ قال تلك الكلمات ذاك الشاب العشريني الَذي قُتلت روحه قبل أن تعيش، قال كلماته وكان عاريَ الصدر تماماً أمام هذه الأمطار الباردة والرياح القوية، وبعدها سقط أرضاً كياسمينة دمشقية قُتلت شجرتها بأكملها..
لم ندرِ على من نبكي: على ذاك الشاب الذي اعتقدنا أن قلبه قد توقف من شدة البرد؛ أم على أنفسنا؟ نحن الجثث الحية التي لا تزال تمشي رغم موتها، وهل الأحياء يموتون وهم على قيد الحياة..
نحن الآن نغرق بمياه المطر في الوقت ذاته بعضنا الآخر غرق بمياه البحر
نحن نستطيع أنّ ننقذ أنفسنا وهم عجزوا أن ينجوا، كلٍّ منا يموت بطريقةٍ ما..
بعد أنّ حملنا ذاك الشاب وأنقذنا روحه ليكمل معنا تلك المسيرة بين هذه الخيم، كانت الخيم بأكملها قد ماتت غرقاً، ونحن أيضاً متنا لكننا متنا برداً هذه المرة .
0 تعليقات