" انطفاء "
نُلبس أحزاننا ثوب الكتابة فتغدو تافهةً في نظر قارئها بعد أن كانت سكّيناً بقلب كاتبها .
نكتبُ لا لنتقاسم الوجع مع القارئ ، فنحن على يقينٍ تام بأنّ رغيف مأساتنا لن يتقاسمه معنا أحد ،ثُمّ منذُ متى وخبز الآهات يُشتهى !
نكتبُ لنشفى منا ... أو لنعود لذواتنا ،ثمّة تناقض أجل ، وهنا مربط الخيل !
لرُبّما يظُنُّ أحدهم أن كلماتنا هذه ليست إلّا حبراً على ورق ، أجل هي كذلك !
نحنُ " المشتكون لمن لا يسمع "
لا أذكر من صاحب هذه العبارة لكنّه كتب فصدق ، فمتى كان نداؤنا مسموع !
المشكلة لا تكمن في عُلوّ أصواتنا ، بل في من أصابهم الصمم ، و بمعنى أدق " من أصمّوا آذانهم " .
نهدر دماء أحزاننا إذ ننحرُ رقابها على أوراقنا ... تموت فنظُنُّ بأنّنا انتصرنا لأنفسنا منّا ! تُباغتنا رياحُ الذكريات فتهبها الحياة من جديد ، وكذاك تهبُنا أرغفة مآسٍ أُخرى !
نترفّق بقلوبنا إذا ما هاجمتها جيوش الألم فنعصرُ لإجلها المُقل _ عسى أن تُطفئ بأنهار دموعها نار القلب _ تأبى الأخيرة أن تتبرّع ولو بدمعةٍ ، فتبقى نار القلب تستعر !
مجحفون بحقّ أنفسنا ، نشعر بالفراغ فنأكل حتى تُتخمُ بطوننا ، وتارةً أُخرى نشعرُ بالثقل في أجسادنا فننأى عن الطعام حتى نتضوّر جوعاً ، نعلم أن لا ذنب لهذه المعدة البريئة بما يُفكّر به سيّدها ، لا تأكُل فتتآكل !
ويبقى هذا الجسد ينتظرُ رأفة صاحبه به .
0 تعليقات