نص نثري بقلم الكاتبة:صفا محمد السيد

                             " انطفاء " 


نُلبس أحزاننا ثوب الكتابة فتغدو تافهةً في نظر قارئها بعد أن كانت سكّيناً بقلب كاتبها . 

نكتبُ لا لنتقاسم الوجع مع القارئ ، فنحن على يقينٍ تام بأنّ رغيف مأساتنا لن يتقاسمه معنا أحد ،ثُمّ منذُ متى وخبز الآهات يُشتهى !

نكتبُ لنشفى منا ... أو لنعود لذواتنا ،ثمّة تناقض أجل ، وهنا مربط الخيل !

لرُبّما يظُنُّ أحدهم أن كلماتنا هذه ليست إلّا حبراً على ورق ، أجل هي كذلك !

نحنُ " المشتكون لمن لا يسمع "

 لا أذكر من صاحب هذه العبارة لكنّه كتب فصدق ، فمتى كان نداؤنا مسموع !

المشكلة لا تكمن في عُلوّ أصواتنا ، بل في من أصابهم الصمم ، و بمعنى أدق " من أصمّوا آذانهم " . 

نهدر دماء أحزاننا إذ ننحرُ رقابها على أوراقنا ... تموت فنظُنُّ بأنّنا انتصرنا لأنفسنا منّا ! تُباغتنا رياحُ الذكريات فتهبها الحياة من جديد ، وكذاك تهبُنا أرغفة مآسٍ أُخرى ! 

نترفّق بقلوبنا إذا ما هاجمتها جيوش الألم فنعصرُ لإجلها المُقل _ عسى أن تُطفئ بأنهار دموعها نار القلب _ تأبى الأخيرة أن تتبرّع ولو بدمعةٍ ، فتبقى نار القلب تستعر ! 

مجحفون بحقّ أنفسنا ، نشعر بالفراغ فنأكل حتى تُتخمُ بطوننا ، وتارةً أُخرى نشعرُ بالثقل في أجسادنا فننأى عن الطعام حتى نتضوّر جوعاً ، نعلم أن لا ذنب لهذه المعدة البريئة بما يُفكّر به سيّدها ، لا تأكُل فتتآكل !

ويبقى هذا الجسد ينتظرُ رأفة صاحبه به .

إرسال تعليق

0 تعليقات