لماذا الحزن في العيد؟
في أحد ليالي الشتاء الباردة سمعت منار طرقا على الباب، استجمعت قواها و ذهبت نحوه.
منار: من؟
الطارق: أنا.
منار متعجبة: أنت، ومن تكون ؟!
الطارق: العيد.
منار ضاحكة: العيد، عن أي عيد تتحدث؟ ولم يحن وقت العيد بعد.
العيد: المسلم دائما في عيد، وبالفعل قد حان وقته، إنه عيد الأضحى يا عزيزتي.
منار: كما قلت المسلم دائما في عيد.
العيد: مررت بمن حولك فكانوا في بهجة وسرور واستعدوا جيدا له، أخبريني لماذا لا أراك مثلهم؟
منار أولا تفضل بالدخول لأن الحديث – على ما يبدو- سيطول، وبعد أن يدخل العيد.
وثانياً عليك أن تجيب عن سؤالي لكي توضح الأمور لكلينا.
العيد: تفضلي.
منار: إذا جاء العيد ولم يجد أناسا يفرحون له فماذا سيكون شعوره وهو بذلك يصبح اسما دون معنى أو طعم أو حتى لون ؟!
العيد: أخبريني إذن أين هم؟ أين هم من لا يفرحون للعيد ؟!
منار: إنهم يملؤون أكثر العالم، وأنا منهم، إننا في ظلمٍ وفقر وضياع، بالإضافة إلى أننا تحت احتلال غاشم لا يرحم أبداً، لماذا سنفرح بالعيد و نحن نعلم بأن ابتسامتنا قد سُلبت؟ وجسر آمالنا قد قُطع، ولا نملك ما نعبر به عن الفرح، وعن السرور الذي يجب أن يصحب العيد، فكيف سنستعد له؟!
العيد: بابتسامة صادقة تخرج من القلب وستدخل إلى القلب مباشرة.
منار: أخبرتك بأنها سُلبت، وبغض النظر عن ذلك فكيف سيفرح مَن اعتاد على رؤية والده في العيد وهو يذبح الأضحية ويساعده على توزيعها، وكذلك من اعتادت على رؤية والدتها وهي تعمل كعك العيد، وكلهم كانوا يعيشون في بيت جميل وآمن، وفجأة يذهب كل شيء وفي لمح البصر، يذهب الشيء المادي ويُتبع بالمعنوي فلا تبقى فرحة، ولا يبقى شيء يحزنون عليه؛ فأبسط شيء قد سُلب وأهم شيء قد قطِّع.
العيد: ربما معكِ حق، بل كل الحق، لكن من يرد السعادة و يبحث عنها يجدها، والإيمان يا صغيرتي هو الذي سيعيد كل شيء، وسيعيد ثقة الناس بالعيد والرغبة بالفرح به إن توفرت الثقة وحسن الظن بالله.
منار: هذا هو الصواب فلا بد من الرجوع لله، رجوع صادق لا يشوبه شيء، وبالدعاء والرجاء.
أشكرك يا عزيزي، لقد أعدت لي ثقتي بنفسي وبكَ بعد أن ذكرتني بأن ثقتنا بالله يجب أن تبقى نصب أعيننا، وجزاك الله كل خير، وإذا زرتني في صباح الغد سترى عكس ما رأيته هذه الليلة بإذن الله .
العيد : إذن استودعكِ الله الذي لا تضيع ودائعه، وسلام لكِ من القلب.
منار: فإلى اللقاء إذن.
العيد: مع السلامة.
0 تعليقات