منذ خمس و عشرين سنة ..
عُرضتُ للتبني .. في بهو مستشفى حكومي .. وقف رجل و امرأة ينتظران حملي لمنزلهما ..
بعد أن ولدتني أمي .. تركتني أصرخ .. و غادرت ..
تركت ورقة صغيرة كُتب عليها "عسى الله أن يعيدك إليّ لتقرّ بك عيني كما أم موسى عليه السلام يا ولدي"..
كبرتُ بين أحضان عائلة غير عائلتي .. لم يكن لي أخوة لألعب معهم .. كنت أقضي نهاري بين أحضان إمرأة استعرت لها اسم "أمي " ليأتي اللّيل و يلاعبني رجل أناديه بوالدي ثم يأتي الفراش بحروبه الأكبر مني ...كنت أتوسد احتياجي المجهول كل ليلة ..ألعب معه ..أدغدغه ..أحدثه وكان هو يطعن صغير قلبي بضحك مستور ... كنت أتفرس في السقف طويلا ...طفلا صغيرا لم يدرِ رائحة أمه ..حِملا وديعا وحَملا ثقيلا ..وقلبا أراه يزن أكثر من وزني .. لم يزد وزني إلا لثقل دموعي المكتومة ..ولم أنحف إلا لكثرتها..ترى ..هل تعلم أمي أن دموعي تأكلني كل ليلة؟ ...
كرّس أمي وأبي حياتهما لأجلي ... بينما ...تخلى عني أمي وأبي الآخرين ... تضمني أمي كما ضمت آسية موسى عليه السلام ولم تضمني الأخرى إلا بتلك الجملة ... كبرت تسعة شهور في رحم تلك المرأة..وكبرت تسعة عشر سنة في قلب أمي ..تعلم هذه المرأة ما يعتمر هذا الفؤاد من كلام الناس لكنها لا تبالي ...إلا بي ...إنها تحب ابنها بكل بساطة ..ليتني كنت ابنها ..كي لا أعود مهزوما من هذه الحرب كل مرة ..لكي لا تسمنني المآقي نهارا ..ثم تأكل شعث فؤادي ليلا ..فإني أبحث عن رائحتها ...كل ليلة ...في تلك الورقة ...
0 تعليقات