نص نثري بقلم الكاتبة : ميس الريم زريقات


بعد ما توفى

بعدمَا توفِي أثرَ جرعةٍ زائدةٍ منَ الكوكائين، جمعُوا ثروتَه فكَانت نصوصاً، كُتبَ في نهايتهَا اسمِي فَبُعثَت إلي، كانَت تزِيد عن ألفِي نَص، بعضهَا ذهبَت ملامحها، لِ اهترَاء الوَرق، وأخرى لإنّها تبلّلَت، وبعضهَا حرقَت أطرافهَا، حاولتُ قراءةَ النّصوص فكَانت نحيباً، وعتباً لامرأةِ قلبهِ التي لَم يكتُب لِي اسمها بأيٍّ من نصوصه، لَم يَكن يجيدُ الكتابةَ بقدر إيجادتِه للرسم، فكلَامه كان مشتّتاً ضائعاً ك حالِه في الآونة الأخيرة، ولكنّني مرغمةً على قراءةِ كل ما يكتُب، ف أيّ شيءٍ يحملُ رائحتهُ وتفاصيلهُ يهمّني، قرأتُ له ألفاً منَ النّصوص الكئيبة المليئةِ بالعتَاب والحديثِ عن سوء الأوضع في البلاد في الآونةِ الأخيرة والألفُ الآخر كانَ غزلاً ووصفاً لحبيبتهِ اللعينة، شعرتُ بشيءٍ ما بداخلِي يحتَرِق يبدو أنّي أغَار، لَم استطِع أكمال القراءة فدموعَي شتَّت الرؤية، وسطَ غضبِي من غزلهِ الجمِيل رمِيتُ النّصوص بكلّ قوتي لأدخلَ في نوبةٍ منَ البُكاء التّعيس، أبكِي عليهِ وعلى نفسِي وعلى حبّي الأخرس وعلى كلّ مافيّي، حاولتُ إنهاء بكائي بإقنَاع نفسِي بأنّي المُذنبة في هذَا، فلولا رحيلِي عن البلَاد وتَركهِ وحيداً وسطَ كلّ الظّروف السيئة التِي مرّ بها لربمَا كنتُ أنا حبيبتهُ بدلاً من تلكَ اللعينة التِي لا تستَحق رجلاً مثله، فهَي لَن تفهمَ لوحاته وطرقهُ في التعبير عن مشاعرِه، ولَن تفهَم تقلبَاتِ مزاجه، ووسائله الغريبة في التّعبير عن حبّه، ف على الأقَل لن تفهمهُ كمَا كنتُ أفعلُ أنا، ولَن يشكلا معاً ثنائياً جميلاً كما كنّا نفعل أنا وهوَ معاً، يا ليتنِي بقيت، يا ليتنِي، فلولا رحيلي لكنّت حبيبته الآن ولربما كان حيّاً للآن، مسحتُ دموعِي وعدتُ لأكمِل قراءةَ النّصوص، ولكنّ النّصوص وهيَ على الأرض شكّلت لوحةً لفتاةٍ جميلة! يا لِ فنّه، أهكذَا أعترفَ لهَا بحبّه!؟ مسحتُ دموعِي وركّزتُ في ملامحِ تلكَ فتاة، وكأنّني أعرفهَا، تبدُو مألوفةً لي، مهلاً يبدو أنّها أنا،

إرسال تعليق

0 تعليقات