الثقة بالنفس
جلست على طاولة خشبية ملونة بورود الشتاء الزاهية، وعلى جانب تلك الطاولة توجد زاوية بها أرفف عريضة مزينة بالكتب، نظرت يمينها فلمحت شئ! يبدو إنه شد إنتباه قلبها قبل عينيها
قامت من مجلسها بثقة مهزوزة وخطوات مترددة نحو الكُتب...
خرجت يديها المختبئة في جيوبها من البرد، ولمست كتاب بحنية، أخذت نفساً عميقاً بارداً لعله يبرد سخونة قلبها ثم خطفت ذلك الكتاب من إحدى الأرفف كالسارقة البريئة ووضعت يدها على رأسها كالمضلة لتخبئ ملامحها من أعين الناس! وكإن أعينهم عدو لها!
يبدو إن تلك الأعين كانت السبب في ترددها وقلة ثقتها، والسبب في وقوفها طويلاً في ذات المكان...!
عادت لمجلسها وفتحت كتابها المعنون "لا تنطفئ"
فقرأت أول سطر من الصفحة الأولى:
"لا تنطفئ حرر قدميك من قيود اخطائهم"
أحبت تلك الجملة وشعرت إنها تلامس حياتها، هي أيضاً كانت مُعلقة بقيود أخطاء بعض الناس، أنهم الفاشلون الذين يعجزون عن التقدم أو يخطئون الطريق، فيجبرون أصحاب الثقة المهزوزة للرجوع معهم للوراء.
زاد حماسها للقراءة فقرأت السطر الأخر:
"لا تنطفئ كن أنت مُسعف نفسك وأجبر إنكسارك"
أبتسمت إبتسامة خفيفة ورفعت حاجبها بإعجاب معبرة عن إنسجامها
الجملة الأخرى:
"لا تنطفئ كن شديد الهمة، ولا تقبل إلا بالقمة"
هنا تبسمت خجلاً وكإن الكلمات تداعبها و تثني عليها
الجملة الأخرى:
"لا تنطفئ حدد أهدافك، وسارع في تحقيقها"
"لا تنطفئ أنت قادر على تحقيق كل الصعاب"
"لا تنطفئ أثق بنفسك وقدراتك، مثل مانحن نثق بك"
قرأت مايكفي ليلهمها ويرشدها لطريقها
تذكرت أوجاع الماضي وبعض الكلمات التي تركت أثر لا ينسى في نفسها... وجع مُعلمتها التي تنتقدها كثيراً، ووجع زميلاتها في الدراسة وكيف يسخرن من ملابسها الباهتة البسيطة، و إبن جارتها وتنمره عليها لأنها بدينة... أنسدلت دمعة من عينيها
فأغلقت الكتاب لتنفرد بالعتاب على نفسها وقالت هامسة: كإنهم بحثوا عن ما ينقصني بشغف وتلذذوا بأذى روحي.
كالسكين جرحوا عقلي وقلبي، فلم يعد عقلي بطموح قبل ولن يعود قلبي لشفاء الماضي.
وكإن أعينهم حرب هزمتني ومستقبلي، أخذوا طموحي رهينة ليرضوا كبرياء خيباتهم...
وضعت يدها على قلبها وقالت بثقة لأول مرة: لا تنطفئ ياقلبي، لا تنطفئ فهناك الكثير ما ينتظرك سأكون قوية من أجلي، سأساند نفسي بنفسي، سأرفع أحلامي عالياً وأُتبِعُها سريعاً كطفل يرفعُ طائرته فوقه ويجري وراءها بحماس، ستُعاندني الحياة مرة أخرى ولكن هذه المرة أنا سأكون الكاسبة لأن لدى ثقة عالية في نفسي.
أما الآن لم يعد لطموحها سقف، فطموحها أكبر من أن يكون له حد، الآن أصبحت ماتريد... الآن فقط أستطاعت أن تكون "هي" بثقتها بنفسها.
0 تعليقات