_يرحل الآباء وتموت الأمهات
_بعد سنتين من القحط والجوع
والتعصب والحرب
والخوف والرعب
والاستسلام...
_بدأت النشرة الأخبارية في تمام الساعة العاشرة ليلاً
الأطفال في أحضان أمهاتهم يستمدون الحنان التي كادَ أن يغطيه الخوف والعزلة
قطة المنزل غافلةٌ في سلة القش التي سحبت بين الأيدي جراء القصف العنيف في تلك
المنطقة المفجوعة، وبقيت ذكرى
أما ذلك الرجل الشارد في التلفاز التي تستند أعمدة البيت عليه، أيقظته (عاجل: غرق
مركب يحمل على متنه مهاجرين في المتوسط انطلق من حدود سوريا البارحة)
لمعت عيناه وكأن الخوف احتله، نظرَ على الحقيبة التي ضمت ملابسه وأغراضه الأساسية
فاضَ قلب الأم بالحزن، كادت عينيها أن تهترئ من البكاء
وكأن حلول الدنيا انتهت
غمرَ أطفاله بالحُب، كانت تلك الغمرة بوجودها تشعر وكأن الدُنيا في سلامٍ تام، لا
شعور للخوف والحرب بوجود الغمرة
لا أحد يعلم أن كانت هي الغمرة الأخيرة أم لا.
بعد اجتماع الشباب والرجال على نقطة التهريب صوتٌ يصدح الشرطة على الحدود تأجل
الذهاب لليلة القادمة
رجالٌ وشباب ونساء وأطفال حائرة ليس باليد حيلة غير الانتظار والصبر
في الليلة الثانية موج البحر هائج لا يمكن الصعود بالمركب ولا الهجرة
كانَ في تلك الأيام يقضون أوقاتهم في المساجد والحدائق والغابات
حلَ الصباح كانَ طريق الغابات طويلٌ جداً، الأشجار مخيفة، أفكار تائهة (هل الحرب
أحن من هذا؟)
هل الرعب في بلدي اطمئنان أمام كل ما يحدث؟
في المساء بعد غياب الشمس ذهبوا المهاجرين مشياً على الأقدام مسافات طويلة
عند الوصول للمحيط، ركبوا المهاجرين المراكب المطاطية متوكلين على الله، والقضاء
والقدر تاركين ورائهم أطفالهم، عائلاتهم، أزواجهم، أعمالهم، حربهم
ذاهبون لصفحةٍ بيضاء خالية من سواد الحرب
عند الوصول لمنتصف المحيط غرق المركب ومن فيه، أشخاصٍ ذهبوا من الخوف والرعب
للموت، سماءٍ خالية من الحروب وآثارها
وبقيت تلك الغمرة أخر غمرة آمنة في سواد الحرب
0 تعليقات