الكاتبة: مانيا أبو نقطة

 رَبُّ الأَرْضِ

 

هُنَاكَ رَبَّانِ رَبٌّ فِي السَّمَاءِ وَ رَبٌّ فِي الأَرْضِ وَ لَا يَعْلَى عَلَى رَبِّ السَّمَاءِ رَبْ .

أَتَعْلَمُوْنَ مَنْ هُوَ ؟! 

إِنَّهُ ذَاْكَ الرَّجُلُ المُكَافِحُ الَّذِيْ عَانَى لَيْلَاً وَ نَهَارَاً، صَيْفًا وَ شِتَاءً مِنْ أَجْلِ أَنْ يُكَرِّمَنِي بِحَيَاةِ المُلُوْكِ .

مَهْلَاً ..!!

إِنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ أَنْ أَصِفَهُ بِكَلِمَاتٍ 

أَرْوَعُ مِنْ أَنْ أَكْتُبَهُ فِيْ بُيُوْتٍ شِعْرِيَّةٍ

وَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ أُزَيِّنَ الأَبْجَدِيَّةَ فِيْ وَصْفِهِ

إِنَّهُ عَظِيْمٌ .... عَظِيْمٌ للغَايَةِ !!

فَلَنْ أَكْتَفِيْ بِثَمَانٍ وَ عِشْرِيْنَ حَرْفًا أَبْجَدِيًّا كَيْ أُدَوِّنَ كُلَّ تِلْكَ المَشَاعِرِ المُتَأَجِّجَةِ دَاخِلَ رُوْحِي، المُسْتَوْطِنَةِ كَامِلَ جَسَدِي، تِلْكَ المَشَاعِرُ الَّتِي خُلِقَتْ فِي صَمِيْمِ قَلْبِي مُنْذُ أَنْ كُنْتُ طِفْلَةً كَلَّمَا كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى تِلْكَ المُقْلَتَيْنِ الخَضْرَاوَتَيْنِ المُخْتَلِطَتَيْنِ بِشَهْدِ الحَنَانِ .

لَنْ أَكْتَفِي بِأَبْجَدِيَّةٍ وَاحِدَةٍ عَرَفَهَا العَالَمُ مُنْذُ القَدِيْمِ جِدَّاً وَ كَانَتْ وَسِيْلَةً للوَصْفِ عَنْ كُلِّ مَا يَجُولُ فِي خَاطِرِهِمْ، لَقَدْ أَصْبَحَتْ تِلْكَ الأَبْجَدِيَّةُ تَقْلِيْدَاً قَدِيْمًا لَمْ يَعُدْ يُدْهِشُنِي ..

لَنْ أَكُوْنَ تَقْلِيْدِيَّةً مَعَكَ أَبَدَاً، بَلْ سَأَكُوْنُ أَوَّلَ مَنْ اخْتَرَعَ أَبْجَدَيَّةً جَدِيْدَةً مِنْ أَجْلِ رَأْسَكَ الَّذِيْ لَفَّهُ الشَّيْبُ، وَ سَأُسَمِّيْهَا أَبْجَدِيَّةُ العِشْقِ المُقَدَّسِ؛ تِلْكَ هِيَ أَبْجَدِيَّتُكَ أَنْتَ .

نَعَمْ ..! أَنْتَ تَسْتَحِقُّ كُلَّ هَذَا، فَعِنْدَمَا خَطَّ قَلَمِي تِلْكَ الحُرُوْفُ الثَّلَاثُ الَّتِي أُنَادِيْكَ بِهَا دَائِمًا اسْتَرَدَّ رُوْحَهُ التَّائِهَةَ الَّتِي افْتَقَدَهَا مُنْذُ زَمَنٍ طَوِيْلٍ وَ عَادَ حِبْرُهُ يَنْبِضُ بِأَعْذَبِ الكَلِمَاتِ وَ أَرْوَعِهَا مَعْنَىً .

كَلِمَاتٌ جَوْهَرِيَّةٌ، حُرُوْفٌ مُضِيْئَةٌ، مَعَانٍ عَظِيْمَةٌ، تِلْكَ هِيَ الَّتِي تُعَبِّرُ عَنْكَ، فَقَدْ تَغَنَّى العَالَمُ فِي وَصْفِكَ فَهَا هِيَ الشَّمْسُ تَهْمِسُ فِي أُذُنِ القَمَرِ بِخَيْبَةٍ وَ تَقُوْلُ لَهُ: عُذْرَاً أَيُّهَا القَمَرُ أَظُنُّ أَنَّنِي وَجَدْتُ مَنْ هُوَ أَدْفَئُ مِنِّي، وَ هَا هُوَ الجَبَلُ يَهْمِسُ فِي أُذُنِ الرِّيْحِ قَائِلَاً: عُذْرَاً أَيَّتُهَا الرِّيْحُ لَقَدْ وَجَدْتُ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ صُمُودَاً وَ مُقَاوَمَةً مِنِّي، وَ هَا هِيَ الصَّخْرْةُ تَهْمِسُ فِي أُذُنِ المَطَرِ لِتَقُوْلَ : انْظُرْ أَيُّهَا المَطَرُ فَهُنَاكَ مَنْ هُوَ أَشَدُّ صَلَابَةً مِنِّي، وَ هَا هُوَ البَحْرُ يُخَاطِبُ السَّمَاءَ قَائِلَاً : اعْذِرِيْنِي أَيَّتُهَا السَّمَاءُ فَهُنَاكَ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ عَطَاءً مِنِّي .

نَعَمْ، فَعَظَمَتُكَ فَاقَتْ عَظَمَةُ جَمِيْعِ المَخْلُوقَاتِ 

إِنَّكَ الأَفْضَلُ عَلَى الإِطْلَاقِ 

فَلَطَالَمَا شَعَرْتُ بِذَاكَ الشُّعُورُ الغَرِيْبُ المُعَبَّقُ بِرَائِحَةِ الدِّفْءِ وَ الحَنَانِ كُلَّمَا لَامَسْتُ تِلْكَ اليَدَيْنِ اللَّتَيْنِ اسْتَمَدَّتَا صَلَابَتَهُمَا مِنْ صَلَابَةِ الأَيَّامِ 

لَطَالَمَا شَعَرْتُ بالفَخْرِ كُلَّمَا قَبَّلْتُ ذَاكَ الرَّأْسُ الطَّاهِرُ المَحْمُولُ بِوَجْهٍ مَلِيْءٍ بالتَّجَاعِيْدِ السُّمُرِ 

لَطَالَمَا شَعَرْتُ بالشَّوْقِ وَ الحَنِينِ الشَّدِيْدَيْنِ كُلَّمَا غَابَ عَنِّي أثْنَاءَ عَمَلِهِ الطَّوِيْلِ الشَّاقِّ 

جَمَعْتُ كُلَّ تِلْكَ المَشَاعِرِ فِي قَارُوْرَةِ قَلْبِي لِأَجْعَلَ مِنْهَا عِطْرَاً لِأَوْرِدَتِي وَ شَرَايِيْنِي، خَبَّأْتُهَا فِي رُوْحِي وَ جَعَلْتُ مِنْهَا آلَافَ النُّسَخِ فِي ذَاكِرَتِي وَ جَعَلْتُهَا رَفِيْقَتِي فِي كُلِّ الأَوْقَاتِ .

سَأُخْبِرُكُمْ بِسِرٍّ صَغِيْرٍ 


 لَقَدْ عَشِقْتُهُ 


اعْذُرُونِي فَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مَعْشُوقِيَ مِنْ نَوْعٍ آخَر، وَ لَكِنْ أُقْسِمُ بِأَنَّنِي عَشِقْتُهُ عِشْقًا سَرْمَدِيًّا لَا يَمْلِكُ أَدْنَى فِكْرَةٍ عَنْ مَعْنَى الحُدُودَ وَ القِيُودَ، 

لَا يَعْرِفُ سِوَى النَّظَرَ إِلَى الأُفُقِ البَعِيْدِ، عِشْقًا لَا يَقْتَنِعُ بِفِكْرَةِ الاكْتِفَاءِ وَ الارْتِوَاءِ أَبَدَاً، إِنَّهُ دَائِمُ الظَّمَأَ يُرِيْدُ المَزِيْدَ وَ المَزِيْدَ .

إِنَّهُ ذَاكَ العِشْقُ الَّذِي آمَنْتُ بِهِ وَ بِوُجُوْدِهِ مُنْذُ أَنْ رَدَّدَ كَلِمَاتَهُ الأُولَى فِي مَسْمَعِي ( اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ ) .

ذَاكَ العِشْقُ الَّذِي وَثِقْتُ بِهِ ثِقَةً عَمْيَاءَ وَ لَمْ أَتَرَدَّدْ يَوْمًا بِالتَّعَمُّقِ بِهِ أَكْثَرَ وَ أَكْثَرَ، حَتَّى أَيْقَنْتُ أَنَّ لَا رُجُوْلَةَ بَعْدَ رُجُوْلَتِهِ، وَ لَا عِشْقَ بَعْدَ عِشْقِهِ ...


أُحِبُّكَ يَا أَبِي .

إرسال تعليق

0 تعليقات