رسالة_انتحار
مرحباً يا من يقرأُ هذه الرّسالة،أرجُو أن تكونَ بخير، فعِندَ قراءَتِكَ ما أكتُب سأكُونُ قد رحلتُ بالفِعل! :
لقد كنتُ وحيدةً على الرَّغمِ من كلِّ ذلِكَ الازدِحامِ مِن حَولِي، و كأنّنِي غريبةٌ في قريةٍ تلعَنُ الغُرباء... لم أكُن سعيدةً بمِقدَارِ ذرّة بالعيشِ على هذا الكَوكب الّذي يحمِلُ على نَفسِهِ سبعَةَ مِليارِ مُصيبة!
اجتاحَ الحُزنُ حياتِي و استَحوَذَ على عقلِي فأصبَحتُ مُقيّدةً بأغلالِه.
كنتُ على يقينٍ بأنّني سأبقَى كذلِكَ إلى أن تفنَى الأَض... و سأَبقى سجينَةَ هذهِ الأفكارِ السّوداوية، فلا شيءَ قادِرٌ على إسعاديَ هذهِ المرّة كَكُلّ مّرة!
أمّا البُؤس، فقد أصبَحَ أسيرَ قلبِي؛ أُحارِبَهُ بِمُعَوَّذَاتِ آمالٍ كاذبة، ليَصمُتَ و أُكمِلُ حربي في هذا الطّريقِ الشّائِك!
إنَّ كلَّ فردٍ منّا يا صديقِي يَخُوضُ حرباً لا يَفقَهُ أيٌّ من الّذينَ حولِنا مَدَى قسَاوَتِها؛ و ليسَ لديهُم أدنَى فِكرةْ عمّا يدورُ داخِل رُؤوسِنا.
لقد كنتُ أعلَم أنّ المَوتَ ينتَظِرُني لكنِّي أَحبَبتُ المُبادَرة!
حيثُ أنَّ أسوأُ ما قد يمرُّ بهِ المَرءُ هو أن يحزَن من نَفسِه وعلى نفسِه..... أن يكونَ ضحيّةَ مُجتَمَعِهِ و ضحيّةَ أفكارِهِ المُختَلِفةِ عَنهُم.
أعلَمُ أنَّهُ لم يكُن عليَّ تركُ رسالَةٍ قبلَ انتحَارِي، فَلطالَما ترَكتُها في أحادِيثي غيرَ مُتَعَمّدةٍ ذلِك، إلّا أنّني لا أدرِي أيُّهُما أكثَرُ حُزنَاً: الرّسائلُ الّتي لا تَصِل... أم تِلكَ الّتي تبقَى دونَ ردّ؟!
فضَّلْتُ أن أُخَبِّىءَ تعَبِي و أن أبتَلِعَ أحزانِي قُرصاً قُرصاً و أنام، على أن أُمضِيَ عُمُري في شرحِ المتاهاتِ المُتشابِكةِ بينَ عقلِي و قلبي!
فقط عليَّ أن أمُوتَ ليَفهَمُوا أنّ الأمرَ قد كانَ مؤلِماً بالفعل!
ودَاعاً يا من وجَدتَ هذهِ الرسالة.
وداعاً أيُّها الكوكبُ البَغيض.
وداعاً لمجتَمَعِي الّذي لم يعتَرِف بانكِساراتِي بل شهَّرَ بها.
وداعاً عائلتِي العزيزة إن كانَت ستفتَقدُني، و وداعاً لأصدقائيَ الّذين سَأشعُرُ بِتعَالي ضحِكَات أحَدِهم عندَ سمَاع خبر موتي.
وداعاً وَساوِسِي اللّعِينة... سأتَخلّصُ مِنكِ اليَوم!
0 تعليقات