قصة قصيرة بقلم الكاتبة:ماجدة أمين صالح

 

              لا مكان لي إلّا بينكم

عاد بعد غياب طويل ويا ليته لم يعد، عاد مليئًا بالحزن والكآبة والآهات، عاد وهو لا يملك أي شيء جميل، عند وصوله ذُهِل الجميع وتعجبوا من عودته وزاد تعجبهم من شكله الذي تغير كثيرًا عمّا سبق، فقد أصبح جسمه هزيلاً، نحيفاً، شاحباً.

سأل أحدهم: لماذا عدت؟

قال: اشتقت إليكم اشتقت لأمي ولأبي لأقاربي وأصدقائي، عدت لأني اكتشفت بأنه لا مكان لي إلّا بينكم، لا وطن إلا وطنكم، لا حب إلا حبكم، ولا غنىً إلا بكم.

وقال آخر: لطالما نصحناك رجوناك أن تبقى بيننا لكن كنت تستنكر كلامنا وتغضب لاهتمامنا، وعندما قررت الرحيل حاولنا منعك إلّا أنك رفضت البقاء وبشدة، وبدأت تشتمنا جميعًا دون استثناء.

وقال آخر: عندما ذهبت تركت أمك وأباك فعانوا الأمرّين في غيابك، مرضوا وتعبوا وتألموا، وكانا في كل يوم وساعة ولحظة يفتقداك يشتاقان إليك حتّى أنك لم ترسل لهم ولا برسالة واحدة، والآن بعد أن اعتدنا على غيابك تعود! ارجع من حيث أتيت لا نريد نحن الآن رؤيتك.

الجميع بصوتٍ واحد: ارجع... ارجع... ارجع...

لكن خرج صوت دافئ صوتٌ أنهكه الحزن والتعب وقال: لا، فلتبقى يا بُنيَّ لأنك لم تغب روحًا عنّا! فلقد بقيت روحك تطير في كل زاوية وفي كل مكان فلتبقى يا بُنيَّ العمر مضى منه الكثير ولم يبقى سوى القليل فأريدكَ بقربي.

اتجه نحو والدته وقبّلها وقبّل والده الذي بالرغم من جلادته ورباطة جأشه بكى عندما احتضن ابنه الوحيد.

فعادوا جميعاً لبيتهم ليتداركوا ما يمكن تداركه من أي شيءٍ جميل يحبونه ويتمنوه.

 

إرسال تعليق

1 تعليقات